top of page

بوصلة راحة البال والسكينة

ree



أشار عالم الأعصاب والكاتب دين برنيت في كتابه "المخ الأبله" (The Idiot Brain) إلى مفاهيم متعلقة بموضوع الراحة والتعب، خاصةً من زاوية علم الأعصاب والسبب وراء تصرفاتنا غير المنطقية.

على الرغم من أن الكتاب يركز بشكل أساسي على فوضى الدماغ وعيوبه المضحكة في الذاكرة والقلق والإدراك، فإنه يتطرق إلى الراحة من خلال مفهوم النوم (Sleep) والآلية التي يعمل بها الدماغ خلاله.


إليك أبرز ما يمكن استخلاصه من أفكار دين برنيت المتعلقة بالموضوع:


1. النوم كـ "فعل اللاشيء حرفياً"


يخصص برنيت جزءاً في الكتاب لموضوع النوم، ويصفه بشكل ساخر على أنه "فعل اللاشيء حرفياً". لكنه يوضح من منظور علم الأعصاب أن هذا "اللاشيء" هو في الحقيقة عملية معقدة وحاسمة:

  • ليس توقفاً، بل معالجة: يوضح برنيت أننا نرى النوم كإغلاق للنظام، لكن الدماغ خلال النوم يقوم بعمليات حيوية لا يمكنه القيام بها وهو مستيقظ، مثل ترسيخ الذاكرة (Memory Consolidation) وإعادة تنظيم المعلومات وتصنيفها.


  • أهمية الاستعادة (Restoration): يشدد على أن النوم ضروري لاستعادة وظائف الدماغ الحيوية. ويشير إلى أن الحرمان من النوم يترك الدماغ في حالة "غبية" أو غير فعالة، حيث تصبح عمليات اتخاذ القرار والإدراك والذاكرة عرضة للخطأ بشكل أكبر بكثير.


2. مفهوم الدماغ الذي يعمل باستمرار


من الجوانب التي لها علاقة بـ "الشخص المنهك" و"غياب الراحة" هي فكرة أن الدماغ البشري لا يتوقف عن العمل تقريباً:

  • الخوف والقلق المستمر: يشرح برنيت أن وظيفة الدماغ الأساسية هي البقاء على قيد الحياة. لذلك، فإن آليات الخوف والقلق قديمة جداً ومبرمجة لتبقى في حالة تأهب. هذا يعني أن الكثير من الإرهاق العقلي ينتج من أن الدماغ لا يتوقف عن "إعادة عرض مخاوفنا وقلقنا مراراً وتكراراً"، خاصة في أوقات الراحة المفترضة (مثل الاستلقاء في السرير).


  • عجز الدماغ عن الفصل: يوضح الكتاب كيف أن الدماغ، بسبب تطوره غير المُنظم، يجد صعوبة في الفصل بين المهام، مما يجعله يعاني من التشتت الذهني (Mental Clutter)، وهذا يفسر لماذا قد لا يشعر البعض بالراحة حتى لو توفرت مقوماتها (الحلقة المفقودة)، لأن العقل لا يتوقف عن معالجة المشاكل والتفكير فيها.


3. الحاجة للراحة بسبب قصور الدماغ


الفكرة الرئيسية في الكتاب هي أن الدماغ ليس آلة مثالية، بل هو مليء بالعيوب:

  • الذاكرة غير موثوقة: يصف الذاكرة بأنها مثل "الأم المُحِبة" التي لا تسجل الحقائق بدقة بل تعيد بناء القصص بناءً على العواطف والتوقعات. هذا القصور يضيف عبئاً على الدماغ لأنه يجعله غير متأكد من الواقع، مما يزيد من الحاجة إلى الراحة العقلية.


  • الاستسلام لـ "الغباء": يقترح برنيت، بشكل ضمني، أن فهمنا لـ "غباء" عقولنا وقصورها يحررنا. عندما ندرك أن نسيان الأسماء أو الشعور بالقلق المفرط هو نتيجة لآليات عصبية قديمة وفوضوية، فإننا قد نكون أكثر تسامحاً مع ذواتنا المنهكة ونمنحها الراحة التي تحتاجها.

باختصار: يرى دين برنيت أن الإرهاق وغياب الراحة لهما أساس علمي مرتبط بآلية عمل "المخ الأبله"؛ إذ لا يتوقف عن العمل، ويجد صعوبة في التوقف عن القلق، كما أن النوم -وهو الشكل الأهم للراحة- هو عملية معقدة لا يمكن الاستغناء عنها لإبقاء هذا العضو "الساذج" قادراً على العمل بفاعلية نسبية.


د. سارة عبدالله عبدالعزيز المزيعل

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
الاستهداف السيبراني والمجتمعي للمملكة العربية السعودية: معركة الوعي في زمن التحولات

المملكة في دائرة الاستهداف الناعم      تشهد المملكة العربية السعودية، في ظل #رؤية 2030 وإصلاحاتها الطموحة، تحولاً جذرياً عزز من مكانتها الإقليمية والدولية. هذا الصعود السريع والتحول الجريء جعلاها هدفا

 
 
 

تعليقات


سارة المزيعل ، كوتشنج ، استشارات، تحليل شخصية، مدربة التطوير والاستدامة.

© Copyright , Sarahalmuzeal 2025 , All rights reserved.

سارة المزيعل ، كوتشنج ، استشارات، تحليل شخصية، مدربة التطوير والاستدامة.
bottom of page