top of page

الاستهداف السيبراني والمجتمعي للمملكة العربية السعودية: معركة الوعي في زمن التحولات

تاريخ التحديث: 6 نوفمبر


المملكة في دائرة الاستهداف الناعم

     تشهد المملكة العربية السعودية، في ظل #رؤية 2030 وإصلاحاتها الطموحة، تحولاً جذرياً عزز من مكانتها الإقليمية والدولية. هذا الصعود السريع والتحول الجريء جعلاها هدفاً لحملات ممنهجة لا تقتصر على الجانب العسكري أو الاقتصادي، بل تغلغلت بعمق في الفضاء السيبراني ووسائل التواصل الاجتماعي. هذه الهجمات الموجهة، والتي غالباً ما تُنسب لجهات معادية أو مخابرات دول، أصبحت حرباً على الوعي والهوية الوطنية، تهدف إلى تقويض الأمن المجتمعي وعرقلة المسار التنموي.


أبعاد وتكتيكات الحرب النفسية الرقمية

     هذه الحملات تتجاوز "المناكفات العادية" وتظهر عليها بصمات عمل منظم وممول يسعى لتحقيق مكاسب سياسية عبر زعزعة الداخل السعودي، يمكن تلخيص الأهداف والتكتيكات فيما يلي:

التكتيكات الممنهجة (الخطر الناعم):

     تعتمد الحملات على أدوات رقمية متقدمة:


·       "سرب النحل" والحسابات الوهمية: استخدام جيوش من الحسابات المزيفة (البوتات/المأجورين) لإطلاق هاشتاقات أو الرد بشكل متكرر ومستنسخ بنفس العبارات لتضخيم موضوع معين وخلق انطباع بوجود رأي عام واسع.

·       تسميم المعلومات (Disinformation) : نشر معلومات مضللة وأكاذيب صريحة، أو اقتطاع تصريحات من سياقها لإثارة الغضب والتحريض.

·       هندسة الخلافات المجتمعية: التركيز على القضايا الحساسة اجتماعياً (مثل العلاقة بين الرجل والمرأة، أو القضايا الجهوية) واستخدامها كوقود للجدل الحاد لجر المجتمع إلى حالة من الاستقطاب والانقسام.

·       الأخطر، تكتيك التخفي والانتحال (Concealment & Impersonation) : يهدف هذا التكتيك إلى تحويل الهجوم الخارجي إلى صراع يبدو وكأنه صادر من الداخل السعودي. يتم بناء شخصية رقمية زائفة ذات مصداقية عالية (باسم وصورة سعودية، وسجل وطني معتدل)، ومن ثم استخدامها كـ "حصان طروادة" لنشر تحليلات أو تعليقات مُحرضة مُصممة بدقة لـتأجيج الانقسام، ما ينجح في زرع بذور الشك وعدم الثقة بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض.


الأهداف الاستراتيجية للاستهداف:

  1. زعزعة الثقة في القيادة والمؤسسات: محاولة تصوير الإصلاحات على أنها تسبب انقساماً أو إفقاراً.

  2. تفتيت النسيج الاجتماعي: إشعال نار الفتنة بين فئات المجتمع (الجنسين، القبائل، المناطق) عبر استغلال أي خلافات هامشية وتضخيمها لجر المجتمع إلى حالة من الاستقطاب والانقسام.

  3. تشويه الصورة الخارجية: خلق رواية سلبية ومضللة عن واقع المملكة لتشويه مكانتها الدولية.

  4. إعاقة التنمية الاقتصادية: نشر الإحباط واليأس للتقليل من فرص نجاح المشاريع الكبرى لرؤية 2030.


خط الدفاع الأول ضد الاختراق الممنهج الوعي المجتمعي واليَقظة

إن مواجهة هذا النوع من الهجمات لا تتم بالقوة التقليدية، بل عبر التحصين الداخلي ومعركة الوعي. هذا يتطلب يقظة دائمة وتطويرًا للمهارات النقدية:

  1. تطوير الوعي النقدي: لا يكفي أن تعرف أن هناك استهدافاً، بل يجب أن تعرف كيف تُحلل الرسالة قبل أن تتأثر بها. يجب على الفرد أن يسأل: من يتحدث؟ هل الحساب موثوق أم مزيف؟ ما الهدف؟ هل النية دعوة للنقاش الهادئ أم إثارة للغضب العاطفي؟

  2. تقوية اللحمة الوطنية: التركيز على المشتركات والقواسم الوطنية (الأمن، الاستقرار، رؤية 2030) بدلاً من الانجرار خلف الخلافات الثانوية.

  3. فصل النقد البناء عن التحريض: التفريق بين المواطن الذي يطرح قضيته بهدف الإصلاح، والحساب الخارجي الذي يضخم ويحرض بهدف التدمير. النقد البناء يطرح حلاً، أما التحريض فيطرح الخلاف فقط.

  4. التوعية الأسرية والاجتماعية: نقل هذا الوعي إلى الأبناء والأهل، وشرح آليات عمل هذه الحسابات لمنعهم من الوقوع في فخاخها.


أخيراً

تظل المملكة العربية السعودية، بتاريخها ومكانتها، هدفاً مستمراً طالما هي في مسار التقدم. لكن إدراك المجتمع السعودي لحجم الاستهداف ووعيه بآليات عمل الحملات الخارجية يمثل خط الدفاع الأقوى. إن الحفاظ على الوحدة والتماسك المجتمعي هو الرد الاستراتيجي الأكثر فاعلية على كل محاولات اختراق الجبهة الداخلية وضرب استقرار الوطن.


حقوق الطبع محفوظة لموقع الدكتورة سارة عبدالله عبدالعزيز المزيعل

 
 
 

تعليقات


سارة المزيعل ، كوتشنج ، استشارات، تحليل شخصية، مدربة التطوير والاستدامة.

© Copyright , Sarahalmuzeal 2025 , All rights reserved.

سارة المزيعل ، كوتشنج ، استشارات، تحليل شخصية، مدربة التطوير والاستدامة.
bottom of page